في 27 يناير / كانون الثاني 1883 أصدر المهدي منشوراَ حدد فيه مكانة الخليفة عبد الله الروحية والزمنية في نظام دولته ودعوته، وذكر فيه أن الخليفة عبد الله في الترتيب الهرمي للمهدية هو خليفة أبي بكر الصديق وهو أيضاَ القائد العام لكل جيوش المهدية وقال المهدي في منشوره «إن الخليفة عبد الله جزء مني وإن كل ما يقوم به من أعمال هي إلهام من الله وليست من هواه أو رأيه الشخصي». وقد اشتهر عبد الله التعايشي بن محمد تورشين بقدرته القتالية وسط اتباع المهدي ومن حوله من أنصار.
وجاء في المنشور الذي كان بمثابة اعلان من المهدي عن عصمة خليفته:
«أعلموا أيها الأحباب أن الخليفة عبد الله، خليفة الصديق المقلد بقلائد الصدق والتصديق، فهو خليفة الخلفاء، وأمير جيوش المهدية المشار إليه في الحضرة النبوية! فذلك عبد الله بن محمد، حمد الله عاقبته في الدارين، فحيث علمتم أن الخليفة عبد الله هو مني وأنا منه وقد أشار سيد الوجود، فتأدبوا معه كتأدبكم معي، وسلموا إليه ظاهراً وباطناً، كتسليمكم لي وصدقوه في قوله، ولا تتهموه في فعله فجميع ما يفعله بأمر من النبي، أو بإذن منا فحيث فهمتهم ذلك، فالتكلم في حقه يورث الوبال والخزلان وسلب الإيمان، وأعلموا ان جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصواب لأنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب»
مبايعة عبد الله التعايشي خليفة للمهدي
عقب وفاة المهدي مباشرة صعد الخليفة عبد الله المنبر وخاطب الأنصار متسائلاَ: «أيها المؤمنون أين سيد المرسلين أين حبيب رب العالمين. وهذا ما وعد الله آمنوا بالله ورسوله. ولقد حانت ساعته وهذا ما علمنا له الأمام المهدي بوضوح. إن كنتم تعبدون المهدي فإن المهدي قد مات ورحل، وإن كنتم تعبدون الله فإن الله حي لا يموت. ولا شك ان جميع الناس سوف يشربون من كأس الموت قولوا إنا لله وإنا إليه راجعون هكذا قاله سلفكم الصالح، واستحقوا بذلك صلوات الله ورحمته عليه أولئك هم المهتدون .» وواضح إن هذه الخطبة شبيهة بخطبة أبي بكر الصديق خليفة النبي محمد بعد وفاة النبي مباشرة.
وما ان انتهت مراسيم دفن المهدي، حتى قام الأشراف اقرباء المهدي مطالبين بالخلافة للخليفة محمد شريف، خليفة الكرار، إلا أن الخليفة علي ود حلو، أحد الخلفاء الذين عينهم المهدي، وقاضى الإسلام أحمد علي وأخرين قالوا لهم بأن الخلافة يجب أن تكون من حق الخليفة عبد الله حسب أوامر المهدي وحسب ترتيب الخلافة المحمدية . وأعادوا إلى أذهانهم إعلان المهدي ومنشوره بعد فتح الأبيض الذي أعلن فيه للجميع بأن الخليفة عبد الله هو منه.وأخذ الناس يتجاوبون مع هذا الكلام يومئون برؤوسهم موافقين بينما ظل الخليفة صامتاً حتى قام الفكي محمد الداداري أحد علماء قبيلة الفلاتة ومن المستشارين السابقين للمهدي، وبادر برفع يد الخليفة عبد الله قائلاَ: «بايعناك يا خليفة المهدي» ثم قام أحمد شرفي، كبير الأشراف أقارب المهدي وصهر المهدي، فأخذ سيف المهدي وعمامته وسلمها للخليفة عبد الله مردداَ بايعناك يا خليفة المهدي ثم جاء بعده الخليفة علي ود حلو والسيد المكي وبايعاه وتبعهم بقية الحاضرين بما فيهم الخليفة شريف.
وبعد البيعة ألقى الخليفة خطاباً قال فيه: «أعلموا أن الضعيف عندي قوي حتى آخذ له حقه من القوي وأن القوي فيكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه للضعيف.» ثم أصدر أول منشور له أمر بتوزيعه في كل مكان وتضمن الإعلان الرسمي عن وفاة المهدي وفيه ترحم الخليفة على روح المهدي الذي توفي يوم الإثنين 8 رمضان 1302 هـ (21 يونيو / حزيران 1885 م) وقت الضحى ودفن بعد صلاة الفجر داخل بيته بأم درمان في المكان الذي أقيم عليه ضريحه لاحقاَ. ثم كتب الخليفة إلى مشايخ السودان بالحضور إليه كافة إلى أم درمان لتجديد البيعة وزيارة ضريح المهدي. أمتنع عن الحضور صالح الكباشي زعيم الكبابيش وموسى مادبو شيخ الرزيقات وعوض الكريم ابوسن باشا شيخ الشكرية ومحمود ود زايد شيخ الضباينة الذي عفا عنه الخليفة لاحقاً بخلاف الممتنعين الآخرين الذين عاقبهم بالسجن