الشوري
تعريفهااللغوي :
الشورى لغة مصدر من شار العسل : استخرجه من الخلية، و اشتار الفحل الناقة: كرفها فنظر إليها لاقح هي أم لا، كرف الفحل الناقة و شافها و استشارها بمعنى واحد {لسان العرب}هي أخذ آراء الآخرين في موضوع ما لتحقيق مصلحة معينة لفرد واحد أو مجموعة من الأفراد, و أيضا هي استخراج الرأي الأنسب بتداول الآراء حول مسألة ما.
توجد بعض الأقوال في القرآن الكريم تدل على الشورى مثل ((و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون))سورة الشورى-آية 38] و أيضا ((فأعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر)) سورة آل عمران -آية 159]
و حتى النبي المعصوم صلى الله عليه و سلم كان يستشير أصحابه, فعن أبي هريرة أنه قال: (ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله) رواه الترمذي.
تعريفهااللغوي :
(( الشورى اسم من المشاورة . وتشاور أي استخرج ما عنده من رأي ))
ويقول أهل اللغة : (( والاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها يجرى أو غيرها
(أ) أصل الشورى في اللغة من شار العسل، إذا استخرجه واستصفى خلاصته، واجتناه من خلاياه ومواضعه. قال أبو عبيد: شرت العسل واشترته: اجتنيته وأخذته من موضعه.
ويقال: فلان حسن الصورة والمشورة أي حسن المخبر عند التجربة.
وفي الحديث: (كان يشير في الصلاة) أي يومئ باليد والرأس، (وأشار عليه بكذا): أمره به، (وهي الشورى) بالضم.. وترك عمر الخلافة بعده شورى، والناس فيه شورى.
واستشاره: طلب منه المشورة، وكذلك شاوره مشاورة وشوارا،وتشاوروا واشتوروا.
(ب) وفي " المفردات في غريب القرآن " للراغب الأصفهاني: (التشاور والمشورة والشورى: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض) وشاورته واستشرته: طلبت منه المشورة والرأي.
(ج) وفي معجم مقاييس اللغة لابن فارس
شور) الشين والواو والراء أصلان مطردان، الأول منهما: إبداء شيء وإظهاره وعرضه، والآخر:أخذ الإبداء. فمن الأول قولهم: شرت الدابة شورا، إذا عرضتها، والمكان الذي يعرض فيه الدواب هو المشوار. ومن الثاني قولهم: شرت العسل أشوره أي أخذته. وقد أجاز أناس: أشرت العسل. والمشار الخلية يشتار منها العسل.
(د) قال بعض أهل اللغة: من هذا الباب شاورت فلانا في أمري قال: وهو مشتق من شور العسل، فكأن المستشير يأخذ الرأي من غيره.
(هـ) وعليه يتضمن المدلول اللغوي للشورى ما يلي:
*إبداء الشيء وعرضه.
*وإظهاره، وهو مرحلة أعلى من الإبداء.
*اتصاف الرأي المعروض بالحسن والاستنارة، فليس كل رأي عنّ للإنسان عُرض.
تعريفها الاصطلاحي :
تعريفات السلف للشورى تكاد تكون متوافقة وإن اختلفت تعبيراتهم فقد عرفها الأصفهاني بأنها : (( استخراج الرأي لمراجعة البعض للبعض))..
وعرفها ابن العربي بأنها هي : (( الاجتماع على الرأي ليستشير كل واحد صاحبه ويستخرج ما عنده))..
ويمكن أن نعرف الشورى بأنها : ((النظر في الأمور من أرباب الاختصاص والتخصص لاستجلاء المصلحة المفقودة شرعا ً وإقرارها))..
وهذا التعريف يعم وينسحب عل كل أمر تجري بشأنه مشاورة سواء على مستوى الأسرة , أو الدولة , أو المنظمات الداخلية , أو المنظمات الدولية التي النظام العام الإسلامي نبراساً لها.
ويمكن أن نعرف الشورى بأنها : النظر في الأمور من أرباب الاختصاص والتخصص لاستجلاء المصلحة المفقودة شرعا ً وإقرارها . وهذا التعريف يعم وينسحب عل كل أمر تجري بشأنه مشاورة سواء على مستوى الأسرة , أو الدولة , أو المنظمات الداخلية , أو المنظمات الدولية التي النظام العام الإسلامي نبراساً لها . مثل المؤتمر الإسلامي , وجامعة الدول العربية , وجامعة الشعوب الإسلامية إلى غير ذلك وينسحب من باب أولي على سلطة التشريع والرقابة
(1)ومعنى الشورى اصطلاحا:
الاجتماع على الأمر ليستشير كل واحد صاحبه ويستخرج ما عنده. أو هي اجتماع الناس على أمر ما يُعرض بينهم، للتداول فيه، من أجل استخراج ما يُرى صوابا.
(2) والشورى: الأمر الذي يتشاور فيه.
(3) والشورى: (عرض الأمر على أهل الخبرة حتى يعلم المراد منه).
(4) وهي: (اختبار ما عند كل واحد منهم أي المستشارين واستخراج ما عندهم).
(5) ويُطلق على الموضع الذي يتم فيه التشاور مجلس الشورى.
(6) وعليه فالشورى تعني: اجتماع الناس على أمر ما لتداول الرأي، واستخلاص الصواب منه في المسائل المعروضة لاستصدار القرار.
ويجتهد بعض الفقهاء المعاصرين في تقديم تعريف جامع للشورى فيقول: (ولعل أجمع تعريف للشورى بمعناها الفقهي العام الشامل لمختلف أنواعها هو القول بأنها رجوع الإمام أو القاضي أو آحاد المكلفين في أمر لم يُستبن حكمه بنص قرآني أو سنة أو ثبوت إجماع إلى من يُرجى منهم معرفته بالدلائل الاجتهادية من العلماء المجتهدين، ومن قد ينضم إليهم في ذلك من أولي الدراية والاختصاص).
وهكذا فإن الشورى في الاصطلاح الذي يتوخاه الإسلام، يمكن أن تتسع لتعبر عن (استخلاص الرأي الجامع أو الراجح من خلال الحوار الجامع). هذا هو مطلوب الشورى، فإن لم يكن رأي جامع فرأي راجح لدى استصدار القرار، مما ينعقد عليه العمل الجامع لدى التطبيق والتنفيذ.
الشورى في القرآن الكريم
يعتبر القرآن الكريم حجة يجب العمل بما ورد فيه من أحكام وتتفق آراء المسلمين على انه قانون واجب الإتباع والدليل على ذلك أنه نزل من عند الله تعالى وانه قد نقل إليهم من عند ربهم بطريق قطعي لاشك في صحته .
فإذا نحن بحثنا عن أدلة حجية الشورى في القران ، أي عن الآيات التي نصت على الشورى فإننا نجد مثل ذلك النص في موضعين وآيتين شهيرتين وان كان القرآن قد أشار الى الشورى في بعض آيات أخرى .
أولاً : النص على الشورى في القرآن
ورد النص على الشورى في آيتين بسورتين من القرآن الكريم :
الأولى : سورة آل عمران والثانية : سورة الشورى
في سورة آل عمران:
نجد النص على الشورى في هذه السورة في قوله تعالى :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله أن الله يحب المتوكلين) ففي هذه الآية نجد النص على الشورى قد جاء بصيغة الأمر الذي يتمثل في قوله تعالى ( وشاورهم في الأمر ) فقد أمر الله تعالى رسوله عليه السلام أن يشاور قومه في الأمر وفي المشاورة فائدتان :
الأولى : تأليف قلوبهم وإشاعة المودة بينهم نتيجة للمشاورة .
الثانية : تعويد المسلمين على هذا النهج في معالجة الأمور لآن الرسول عليه السلام الأسوة الحسنة لهم , فإذا كان يلجأ إلى المشاورة فهم أولى أن يأخذوا بها .
في سورة الشورى :
نجد في هذه السورة دليلاً ثانياً على حجية الشورى والسورة نفسها حملت اسم (( سورة الشورى )) حيث ورد ذكر الشورى في هذه الآية منها وهي قوله تعالى : ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ) وفي هذه الآية يبين الله تعالى أن الشورى هي إحدى الدعائم الهامة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي وما حملت السورة هذا الاسم إلا لبيان العناية بالشورى والتنبيه إلى عظيم أهميتها .
وكذلك نجد من يقول أن سورة الشورى إنما سميت بهذا الاسم لأنها السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي قررت الشورى عنصراً من عناصر الشخصية الإيمانية الحقة .
وإذا كان النص على الشورى قد جاء بصيغة الأمر في سورة آل عمران في قوله تعالى : ( وشاورهم في الأمر) فإن النص عليها بالصيغة الخبرية أو الوصفية في سورة الشورى لا يمنع من ثبوت الدليل عليها وإنما جاء اختلاف صيغة النص عليها تبعاً للخصائص تميز السور الملكية في القرآن الكريم عن سوره المدنية .
فسورة الشورى ملكية النزول فيما عدا أربع آيات منها نزلت بالمدينة ليس من بينها هذه الآية التي تنص على الشورى ويلاحظ أن ما نزل من آيات القرآن بمكة لم يتميز بطابع الأسلوب التشريعي ووضع الأحكام المحددة فذلك هو طابع الآيات المدنية , أما الآيات المكية فليس فيها شيء من التشريع التفصيلي بل معظم ما جاء فيها يرجع إلى المقصد الأول من الدين وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وإقامة البراهين على وجوده وذلك يؤدي إلى تربية القلب والوجدان ثن أن الإيمان يسبق العمل ويؤدي إليه ولهذا لا نعجب إذا جاء النص على الشورى في هذا الآية كإحدى الصفات المميزة للمؤمنين , ومذكورة بين صفات أخرى يمتازون بها وواجبة فيهم ثم أن ذكر الشورى جاء تالياً مباشرة لذكر الصلاة ، فإن المؤمنين منصفاتهم أنهم ذوو شورى لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وكانوا قبل الهجرة وبعدها إذا حزبهم أمر اجتمعوا وتشاوروا . وأما قوله تعالى ( ومما رزقناهم ينفقون ) فالمقصود به الإنفاق في سبيل الخير ولعل فصل الإنفاق عن قرينه ( الصلاة ) بذكر المشاورة بينهما إنما كان لوقوعها عند اجتماع المؤمنين للصلوات فكان المؤمنون الأولون لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا عليه وذلك من فرط تدبرهم وتيقظهم وصدق تآخيهم في إيمانهم وتحابهم في الله تعالى .
ويذكر في ذلك الصدد أيضاً أن المؤمنين كانوا لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون ولا يختلفون فمدحوا باتفاق كلمتهم .. وأنه ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم فأن الشورى كما قال ابن العربي – ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصواب فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين يتمثلون ذلك ويطبقون الشورى في سلوكهم
حكم الشورى في السنّة النبوية
ونعرض في هذا المبحث الدلائل والإشارات على وجوب الشورى، سواء من التوجيهات أو من الممارسات في السيرة النبوية، وذلك من حيث أن هذه السيرة هي نموذج عملي وحي لتعاليم القرآن الكريم، فقد كانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم، فيما تصفه السيدة عائشة رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن)(26).
والمرجعية الثانية في تأصيل الشورى هي السنة النبوية، فقد أسس النبي صلى الله عليه وسلم للشورى نظامًا يحتذى وسنة عملية تطبيقية على أكمل وجه، وعرف ذلك عنه أصحابه.
(أ) قال أبو هريرة: (ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم)(27).
(ب) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أبو بكر وعمر: (إنّ الناس ليزيدهم حرصًا على الإسلام أن يروا عليك زيًا حسنًا من الدنيا فقال: وأيّم الله لو أنكما تتفقان على أمر واحد، ما عصيتكما في مشورة أبدًا)(28).
(ج) عن الحسن البصري قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتشير حتى المرأة فتشير عليه بالشيء فيأخذ به).
(د) عن ابن عبّاس قال لما نزلت (وشاورهم في الأمر) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدًا ومن تركها لم يعدم غيًا)(29).
(ه) عن الحسن: (قد علم الله تعالى ما به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده)(30).
(و) عن قتادة: (أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء، لأنه أطيب لأنفس القوم، أو أن تكون سنة بعده لأمته).
(ز) ابن عطية: (الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام)(31).
(ح) الضحاك بن مزاحم في تفسير قوله تعالى: (وشاورهم في الأمر): (ما أمر الله عزّ وجلّ نبيه بالمشورة إلا لما علم فيها من الفضل).
(ط) ابن تيمية: (لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإنّ الله تعالى أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمن فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)(32)، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم)(33).
إن الله أمر بها نبيه لتأليف قلوب أصحابه، وليقتدي به من بعده، وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب والأمور الجزئية وغير ذلكن فغيره صلى الله عليه وسلم أولى بالمشورة)(34).
(ي) قد ثبتت مشاورته صلى الله عليه وسلم لأصحابه في عدة أمور، منها:
(1) أنه شاورهم يوم بدر وخاصة الأنصار قبل الدخول في المعركة، فقالوا: (يا رسول الله لو استعرضت بنا البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، ولا نقول لك كما قال قوم موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ولكن نقول اذهب فنحن معك وبين يديك، وعن يمينك وشمالك مقاتلون).
(2) وشاور الحباب بن المنذر رضي الله عنه في اختيار مقر المعسكر وأخذ برأيه، وشاور صاحبيه أبا بكر وعمر في أمر الأسرى، وأخذ برأي أبي بكر.
(3) وشاورهم يوم أحد في المقام والخروج، فرأوا له الخروج، فلما لبس لامته وعزم قالوا: أقم، فلم يمل إليهم بعد العزم وقال: (لا ينبغي لنبي يلبس لامته فيضعها حتى يحكم الله)(35).
(4) وشاورهم يوم الخندق في حفره فأخذ برأي سلمان الفارسي. أما في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، فأبى ذلك عليه السعود: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وسعد بن خيثمة، وسعد بن مسعود فترك ذلك. وكان الأنصار أولى بالشورى هنا لأنهم أصحاب النخيل والثمار فهم أهل الاختصاص إذًا.
(5) وشاورهم حتى عند سن الأذان، فعن نافع أنّ ابن عمر كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يومًا في ذلك فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا بلال قم فناد بالصلاة)(36).
(6) وأقر صلى الله عليه وسلم حق المرأة، وعمل برأيها، فقد جاء في رواية البخاري لحديث الحديبية: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا) قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك؟ فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا(37).
معالم الشورى النبوية:
تتضح معالم الشورى النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في أمور جليلة أظهرها
(1) الرجوع إلى الدليل الشرعي (الوحي) كما حدث في يوم الحديبية حيث قال: (أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره)(38).
(2) الصواب في بدر بغض النظر عن الأكثرية حيث نزل على رأي الحباب بن المنذر (بل هو الرأي والحرب والمكيدة)، والحباب يمثل أهل الخبرة والاختصاص وأهل الذكر وبعبارة أخرى أهل الحل والعقد.
(3) الأكثرية يوم أحد، وإن خالف رأيهم رأي الصواب.
وعليه إذا كانت الشورى في الأمور التشريعية فالحجة لقوة الدليل، وإذا كانت الشورى في الأمور الفنية فالحجة لأهل الخبرة والاختصاص في الموضوع، أمّا في طلب الرأي الذي يرشد على القيام بعمل من الأعمال كانتخاب رئيس أو والٍ أو إقرار مشروع فيرجح رأي الأكثرية. لأن الكثرة يحصل بها الترجيح كما يقول الأمدي(39).
وهكذا تقدم لنا السيرة النبوية معالم أساسية لفقه الشورى، كأمر رباني، وسنة نبوية، وقيمة أخلاقية وحكمة بالغة في سياسة الأمة.
أهمية الشورى :
(()) أنها جزء من الدين، وطاعة لله، وقدوة صالحة يؤمر بها الأنبياء قبل غيرهم؛ حتى لا يتعاظم عليها من يدَّعون النزاهة والأهلية والفقه، فليس بعد الأنبياء في الصلاح والعصمة أحد.
فالشورى هي السبيل إلى الرأي الجماعي الذي فيه خير الفرد والمجتمع. قال (: (إن أمتي لا تجتمع على ضلالة) [ابن ماجه].
(())أن الشورى يجب أن تتم في إطار الشريعة، وأن تقوم على أخوة المسلمين وتراحمهم، وعلى أنهم أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي عليها نشر الإيمان بالله على أساس التطابق الكريم بين الغاية والوسيلة.
(()) أن الشورى عبادة وبحث عن الحق والصواب، ووسيلة للكشف عن المواهب والقدرات، واختبار لمعادن الرجال، وجمع للقلوب وتأليف بينها على العلم والخير والإيمان، وتربية للأمة، وبناء لقواها الفكرية، وتنسيق لجهودها، وإفادة من كل عناصرها، وإغلاق لأبواب الشرور والفتن والأحقاد.
(())أن الشورى توحيد للجهود وربط لجميع مستويات الأمة برباط من نور؛ لما فيه قوتها وتماسكها، وعزة الإسلام ورفعة رايته. قال الحسن: ما تشاورما تشاور قوم إلا هُدُوا لأرشد أمرهم..
بين الديمقراطية و الشورى
يوجد اختلاف بين الديمقراطية و الشورى, فالديمقراطية تستند على مبدأ أن الشعب هو صاحب السيادة و مصدر الشرعية, فالسلطة في النظام الديمقراطي هي للشعب, و بواسطة الشعب تتحقق سيادته و مصالحه ولو خافت الشريعة.
أما ما يفرق بين الشورى و الديمقراطية فهو مصدر السيادة في التشريع, فالديمقراطية تجعل السيادة في التشريع للشعب, أما الشورى فتجعل السيادة للشريعة الإسلامية ولو خالفت الأغلبية. الديمقراطية الحديثة اتجهت صوب الشورى، بحيث اصبحت مراكز الدراسات و معاهد استشراف المستقبل و العلم هم المسير الحقيقي لدفة الحكم في الدول الغربية، رأي العلم يأتي قبل رأي الشعب مما يدل ان الشورى مبدأ اشمل و اوسع و أفيد من الديمقراطية التي هي أفضل من الديكتاتورية و الاستبداد و حكم الفرد، و لكن الديمقراطية من دون شورى هي عبارة عن فوضى غوغائية و أصوات دهماء ويبرر المسلمون ذلك بأن الله هو خالق البشر وهو أعلم بما يصلحهم فما شرعه لهم في كتابه هو الصالح لهم وإن جهلوا ذلك. وأما ما لم يوج فيه نص شرعي فعليهم الاجتهاد في تحديد المصلحة والأخذ برأي الأغلبية.